الشـــــــيخ الحكـــــــيم
5 مشترك
:: غربة الروح
صفحة 1 من اصل 1
الشـــــــيخ الحكـــــــيم
الشــــيخ الحـــكيــم
" كنت في الرابعة عشرة من عمري حين قال لي أبي ستذهب اليوم و تحضر الشيخ أبا شبلي ليكون ضيفنا على الغداء و حاذر أن يعطي وعداً لغيرك أو يفوز به غيرك ، بل الويل كل الويل لك لو حدث هذا. كنت في تلك اللحظات أرتجف خوفاً من أبي الذي ما كان ليرحم طفولتي أبداً.و من جهة أخرى كان خوفي كيف سأتصرف – في هذا الموقف – بين أناس أكبر مني سناً و خبرة في هذا الأمر.
في ذاك الزمان كانت العادة أن تخرج أهل القرية لتستقبل وفود المُعزّين حين تحدث وفاة في القرية ، يخرج أهل البلدة ليفوزوا بضيف يبيت أو يتناول الطعام بعد مراسم العزاء.
خرجت مع الناس و انتظرت عند أطراف القرية الوفود القادمة ، وما أن هلّت الوفود حتى بدأ قلبي يخفق خوفاً من أبي الذي توعدني و من الآخرين أن يسبقوني في الوصول إلى الشيخ الجليل أبي شبلي ؟ وهل سيتقبّل عزيمتي أنا في حين هناك رجال أشداء يقفون معي؟ والأهم أني كيف سأتعرف على الشيخ الذي لم أره من قبل؟
ساعدتني طفولتي في الركض و الوصول قبل الآخرين إلى الخيول القادمة، و بعد السلام قلت: من منكم الشيخ أبو شبلي؟ ابتسم الفارس الذي سألته و أشار إلى الشيخ أبا شبلي فهرعت نحوه و قلت" أنا فلان ابن فلان و أنت ضيفنا على الغداء اليوم" فانحنى الشيخ مبتسماً ولمس شعري و لكنه لم يجب. في هذه اللحظة وصل باقي الرجال من أهل قريتي ، وهنا انتابي شعور بالفشل والحزن الشديد،وتدافعت الناس نحو الشيخ الجليل لتفوز به. وأنا أصبحت شبه ضائع بينهم خائفاً من أبي أولاً و حزين على فشلي بإقناع الشيخ ، و ما أن توجهت له الدعوة الأولى من البقية حتى جاء ردّه الذي منحني الثقة بنفسي أولاً و أنقذني من عقوبة أبي المنتظرة ثانياً.
قال الشيخ الرمز وهو ينظر لي مبتسماً: " قد وعدت " و كان هذا الرد بمثابة حسم لباقي الدعوات و موافقة قاطعة على دعوتي أنا.
و في هذه اللحظة تمّلكتني نشوة الانتصار، فكبرتُ أنا كثيراً و انطلقت للحياة رجلاُ."
هكذا حدثني أبو فراس البالغ من العمر الآن الخامسة و الستين عاماً.
كم كان حكيماً الشيخ العاقل الذي لم يكسر خاطر طفلٍ حضر لدعوته وقدمها على دعوات أصحاب الجاه و الذوات.هذا الشيخ ترك لأقرانه رسالة واضحة لا لَبس فيها. أتمنى على البقية التمعّن بفحواها.
" كنت في الرابعة عشرة من عمري حين قال لي أبي ستذهب اليوم و تحضر الشيخ أبا شبلي ليكون ضيفنا على الغداء و حاذر أن يعطي وعداً لغيرك أو يفوز به غيرك ، بل الويل كل الويل لك لو حدث هذا. كنت في تلك اللحظات أرتجف خوفاً من أبي الذي ما كان ليرحم طفولتي أبداً.و من جهة أخرى كان خوفي كيف سأتصرف – في هذا الموقف – بين أناس أكبر مني سناً و خبرة في هذا الأمر.
في ذاك الزمان كانت العادة أن تخرج أهل القرية لتستقبل وفود المُعزّين حين تحدث وفاة في القرية ، يخرج أهل البلدة ليفوزوا بضيف يبيت أو يتناول الطعام بعد مراسم العزاء.
خرجت مع الناس و انتظرت عند أطراف القرية الوفود القادمة ، وما أن هلّت الوفود حتى بدأ قلبي يخفق خوفاً من أبي الذي توعدني و من الآخرين أن يسبقوني في الوصول إلى الشيخ الجليل أبي شبلي ؟ وهل سيتقبّل عزيمتي أنا في حين هناك رجال أشداء يقفون معي؟ والأهم أني كيف سأتعرف على الشيخ الذي لم أره من قبل؟
ساعدتني طفولتي في الركض و الوصول قبل الآخرين إلى الخيول القادمة، و بعد السلام قلت: من منكم الشيخ أبو شبلي؟ ابتسم الفارس الذي سألته و أشار إلى الشيخ أبا شبلي فهرعت نحوه و قلت" أنا فلان ابن فلان و أنت ضيفنا على الغداء اليوم" فانحنى الشيخ مبتسماً ولمس شعري و لكنه لم يجب. في هذه اللحظة وصل باقي الرجال من أهل قريتي ، وهنا انتابي شعور بالفشل والحزن الشديد،وتدافعت الناس نحو الشيخ الجليل لتفوز به. وأنا أصبحت شبه ضائع بينهم خائفاً من أبي أولاً و حزين على فشلي بإقناع الشيخ ، و ما أن توجهت له الدعوة الأولى من البقية حتى جاء ردّه الذي منحني الثقة بنفسي أولاً و أنقذني من عقوبة أبي المنتظرة ثانياً.
قال الشيخ الرمز وهو ينظر لي مبتسماً: " قد وعدت " و كان هذا الرد بمثابة حسم لباقي الدعوات و موافقة قاطعة على دعوتي أنا.
و في هذه اللحظة تمّلكتني نشوة الانتصار، فكبرتُ أنا كثيراً و انطلقت للحياة رجلاُ."
هكذا حدثني أبو فراس البالغ من العمر الآن الخامسة و الستين عاماً.
كم كان حكيماً الشيخ العاقل الذي لم يكسر خاطر طفلٍ حضر لدعوته وقدمها على دعوات أصحاب الجاه و الذوات.هذا الشيخ ترك لأقرانه رسالة واضحة لا لَبس فيها. أتمنى على البقية التمعّن بفحواها.
فيصل خليفه- عضو مجلس ادارة
- عدد المساهمات : 247
تاريخ التسجيل : 08/05/2009
العمر : 57
رد: الشـــــــيخ الحكـــــــيم
بالحقيقة موقف رائع من هذا السيد الشيخ
لأنه فعلأً اعطى رسالة كبيرة ومهمة وهو كيف نحترم مواقف الاطفال
ولايهم السمعة والابهة وكبر السن.... للطفل كذلك مكانة لاتقدر وقد اعطى كلمة له ولن يتراجع
ألف شكر لك اخي فيصل لهذه القصة الرائعة
تحياتي لك واشتقنالك اين انت
لأنه فعلأً اعطى رسالة كبيرة ومهمة وهو كيف نحترم مواقف الاطفال
ولايهم السمعة والابهة وكبر السن.... للطفل كذلك مكانة لاتقدر وقد اعطى كلمة له ولن يتراجع
ألف شكر لك اخي فيصل لهذه القصة الرائعة
تحياتي لك واشتقنالك اين انت
رد: الشـــــــيخ الحكـــــــيم
الصديق فيصل شكرا لك لهذه العبرة ولنقل هذه الحادثة
اولا من يضع امام عينيه هدف ويسعى للوصول إليه يناله
وهذا هو حال الطفل الذي عرف إنه إذا ركض مسرعا وسبق الآخرين لربما حقق طلبه رغم خوفه من الرفض ولكنه حاول ولم يجعل خوفه يثنيه عن ما عقد العزم عليه وقدم من أجله
ثانيا ردة فعل الشيخ أبو شبلي كانت من طابع شخص له حكمه وعقل راجح
فهو ضمنيا عرف من خلال ملامح هذا الغلام انه يقدم دعوته إليه وهو راجيا قبولها وإنه رغم عدم معرفته بشخصية الشيخ الجليل إلا انه سأل ووصل ولا ننسى ان الشيخ لم يفرق بين الاشخاص لمجرد الطول والعرض والجاه وإنما بدرجة الصدق المقدم من شخص قدم دعوة له
وهكذا نحن علينا أن نأخذ هذه العبرة الجميلة بالنظر والبحث عن مضمون الامور لا بهرجتها
والشيخ ابو شبلي من الرجال الذين يمكن لنا أن نقول انهم يستحقون تذكرهم والسماع عن أفعالهم وأخبارهم
شكرا لك
اولا من يضع امام عينيه هدف ويسعى للوصول إليه يناله
وهذا هو حال الطفل الذي عرف إنه إذا ركض مسرعا وسبق الآخرين لربما حقق طلبه رغم خوفه من الرفض ولكنه حاول ولم يجعل خوفه يثنيه عن ما عقد العزم عليه وقدم من أجله
ثانيا ردة فعل الشيخ أبو شبلي كانت من طابع شخص له حكمه وعقل راجح
فهو ضمنيا عرف من خلال ملامح هذا الغلام انه يقدم دعوته إليه وهو راجيا قبولها وإنه رغم عدم معرفته بشخصية الشيخ الجليل إلا انه سأل ووصل ولا ننسى ان الشيخ لم يفرق بين الاشخاص لمجرد الطول والعرض والجاه وإنما بدرجة الصدق المقدم من شخص قدم دعوة له
وهكذا نحن علينا أن نأخذ هذه العبرة الجميلة بالنظر والبحث عن مضمون الامور لا بهرجتها
والشيخ ابو شبلي من الرجال الذين يمكن لنا أن نقول انهم يستحقون تذكرهم والسماع عن أفعالهم وأخبارهم
شكرا لك
زياد جميل القاضي- عضو مجلس ادارة
-
عدد المساهمات : 441
تاريخ التسجيل : 09/05/2009
العمر : 53
الموقع : http://kalmelia.blogspot.com/2009/04/blog-post_23.html
رد: الشـــــــيخ الحكـــــــيم
مشكور اخ فيصل
لو لم تقل له أنا فلان ابن فلان و أنت ضيفنا على الغداء اليوم"اظن انه لم يستجب للدعوة .
هذة وجهة نظر خاصة .
لو لم تقل له أنا فلان ابن فلان و أنت ضيفنا على الغداء اليوم"اظن انه لم يستجب للدعوة .
هذة وجهة نظر خاصة .
محمد حبيب- عدد المساهمات : 142
تاريخ التسجيل : 09/05/2009
رد: الشـــــــيخ الحكـــــــيم
أختي المحترمة خلود:
العبرة هي في حكمة إنطلاق الطفل رجلاً بفضل حكمة الشيخ
أشكر مرورك العطر
الأخ زياد:
أنا مثلك تماماً
الأخ محمد حبيب المحترم:
صدقني بأن الطفل كما ذكرت بقصتي ليس من أبناء الذوات
و يبقى لمروكم طعم خاص
العبرة هي في حكمة إنطلاق الطفل رجلاً بفضل حكمة الشيخ
أشكر مرورك العطر
الأخ زياد:
أنا مثلك تماماً
الأخ محمد حبيب المحترم:
صدقني بأن الطفل كما ذكرت بقصتي ليس من أبناء الذوات
و يبقى لمروكم طعم خاص
فيصل خليفه- عضو مجلس ادارة
- عدد المساهمات : 247
تاريخ التسجيل : 08/05/2009
العمر : 57
:: غربة الروح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى