بابلو نيرودا

تحياتي لكم



يصادف اليوم ذكرى ميلاد الشاعر الجميل بابلو نيرودا


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]



الحب رحيل ، ياللأسف من ماء ونجوم
الحب سفر ومعركة من البروق
وجسدان ينهمران بعسل واحد < بابلو نيرودا>

قبل الرحيل الى الضفة الأخرى الشعراء العظام ينحثون في الغابة المأهولة بالتفه الاستثناء فلا يموتون اطلاقا . معنى هذا ان الكون مقرف بلا عازفين للحزن والفرح. الحلم دافءوالحياة في الأول والأخير ليست حديدا صلبا بل امتداد روحي يؤسسه في الأغوار والمسارب أؤلئك المبدعون المدنسون والطاهرون . رؤيتنا للعالم ترتبط بالمرجعيات الثقافية وبهذا التأويل الطفولي لمؤثتات الذاكرة . ولما نحب هل نرى النور ؟ هل نرى الجنة التي بداخلنا . تأمل ستدرك .

ما ترى ؟ الحب افلاس تذكرة الى جزر المالديف . حمق البغال المرصونة . ان القلب مشطور منسحق . اكتب لي رسالة ياحبيبي . أنت بخيل . قبلني أيها الدب الحزين .

من يتذكر تلك الرسائل وذاك العشق اللعين للكتابة ؟ لو يستمر الأطفال في كتابة رسائل الحب . الشعراء دائما أطفال يطاردون الغزلان .

بابلو نيودا طفل غرير طارد الغزلان الفاتنة الى التخوم ثم أنشأ خياما من اللغة وصورا تليق بالشاعر المدرك لنهم الحب والطبيعة. لقد أمضى سنينا طويلة في انبات الأعشاب البرية وانحنى بعيدا وراء الأقيانوس للتلذذ بمدارك اللغة المعجونة برؤيا الفرادة والانقلابات :

ياجميلتي قبلاتك ثمار بطيخ منعشة
يا قبيحتي ثدياك أين خبأتهما؟
صغيران هما صغيران فنجانان من قمح
حين أحب رؤية قمرين على صدرك
أبراج عزتك العملاقة

تداخل النقيض بالنقيض سمفونية طبيعية تهز أوثار الكائن وتشعل النار المقدسة . تلك مفاتن مستعارة من الوجود الاول . من بدائية الانسان الصقيل البعيد عن لوثة أدخنة الضجيج والانسحاقات المجانية تحت وطأة اشهارات البسكويت . فأي انتعاش يتحصل من ثمار بطيخ ؟ تلك لذة لايدركها آكلو حلويات المدن المتخنون بفناجين القهوة المغشوشة . أي جمال تخلقه في الأعماق هذه الصورة < صغيران هما صغيران فنجانان من قمح >

حقول القمح لها اغراء جاذب . اكتشفنا ذالك مع فان خوخ . فأي اغراء للثدي الصغير النافر المتوثب كفنجان قمح ؟ اكتشاف مؤرق والأمر يستدعي تأملا وادراكا لدبيب الروح في الطبيعة . تلك المراعي الأخاذة ذات الفيض النوراني .

التناقض آسر . تداخل الظل بالنور يمنحنا الرعشة وتسلق سلاليم الشوة . المرأة والرجل نقيضان . سالب وايجابي . وفي الأخير نور باهر يغطي الكون بالخصوبة .
الكون الشعري الجميل الذي أثته بابلو نيرودا استقى شحنته الرعديدة من التأمل البليغ لعناصر الوجود:
أي نهار معتم ينفتح بين عموديك
وأي ليل عتيق يمس مشاعر الرجل
ان الكون لدى نيرودا طبيعة رحبة رحيل الى ظلال الأشجار . الى مجاري المياه . الىغابات الأزهار . الى النهارات والليل الى النجوم والقمر . حياة أخرى تبنيها قثارة اللغة .الأمر فقط يحتم الانتباه وعمق التخيل واشتغال الذهن وخفقان القلب للوصول الى التوحد . عيش الحالة يدفع بالنصوص الى خلودها . وكلما سقينا الشجرة بالحب امتدت أغصانها . أنصت الى بابلو وهو يفتح نوافذ على الحياة :
تصلين من الجنوب ذي البيوت الفقيرة
مهر أنت من صلصال أسود ، قبلة
من الوحل القاتم حب زهرة شقيق صلصالية
ياصبية أنت حفظت قلبك
قلب البنت الفقيرة
قدماك قدما البنت الفقيرة معتادتان على الحصى
وثغرك الذي لم يحصل دائما على خبز ولامتعة
أنت من الجنوب الفقير ، من حيث جاءت روحي
في سمائه أمك مازالت تغسل الثياب
مع أبي
وهكذا يا صديقتي هكذا اخترتك أنت >
ممتع وحزين هذا الشعر ومستفز كذاك الثغر الذي لم يحصل على خبز ولاقبلة .
سرعة التقاط الومضة الشعرية الممزوجة بالحب الانساني خصائص لاتمنح لثقيلي الظل . فمن يقدر أن يبقى طفلا مثل بابلونيرودا ويكتب 100قصيدة حب للفؤوس وحب ماتيلدا والقرنفل . الأطفال لايشيخون .

::. الطاهر حمزاوي