بقايا...صور

جلس وحيدا في غرفته لا يعرف ماذا يفعل سيطر على حياته الملل ...
وجد نفسه كتاجر مفلس يبحث في دفاتره القديمه وصندوق محفوظاته المنسي منذ سنين فوق خزانة ملابسه الخشبية المتهالكه كما كل شيئ في حياته سحب الصندوق الكرتوني المتوسط في حجمه والمغلق بشريط لاصق بإحكام وكأنه أراد أن يغلق على كل ماضيه دون أن ينساه
فتح الصندوق وبدأ يقلب ما فيه من صور واوراق. ارد ان يستجمع قواه ليسترجع ذكرياته الغابره وأمسك بورقة تكاد تكون صفراء مما مر عليها من زمن ...قرأها
فنزلت دمعة من عينيه مع ابتسامة خجوله ..كانت اول اعتراف بالحب له من ايام المدرسة الابتدائيه كتب عليها ..احبك اكثر من كل البشر احبك حبيبتي يا قمر...
وعلى طرف الورقه كتب ..معذبكِ
ابتسم حين تذكر حبيبة الطفوله وبكى على انه لم يراها منذ تلك الايام . اعاد البحث في صندوق خباياه في اوراقه فهنا توجد همسة وهناك ورقة امتحانات ومنديل عليه احمر شفاه وهناك ايضا بعض من كتاباته اليسارية عندما اصيب بعدوى الفكر في مطلع الشباب
كان يبحث عن ذاته التي اضاعها في زحمة السنين كان يبحث عن ماهيته بعد مرور الزمن .
فتح مغلف كبير موجود في قعر الصندوق كتب عليه كلمتين ... بقايا صور
وبدأ يستعرض شريط حياته كلها من الطفولة حتى الشباب .صورة له في دمشق وهو بالصف الاول في.وصورة له مع اصدقائه في الدرب يلعبون بالكرة
وصورة له مع امه وابيه وافراد اسرته وصور له بالمدينة الجامعيه وفي كليته وصور لأصدقائه على مر السنين و استوقفته صورة من الصور .صورته في الثلج بعد خروجه من المعتقل ....بكى كثيرا وبكل مرارة عندما رأها وكيف لا وهي كانت بداية نهايته بعد ما عانى ما عاناه من تبعاتٍ ومن مشاكل...
انتفض فجأة ووقف وبدأ يمزق كل شيئ بشكل هيستيري مجنون ويتمتم بشفتيه بكلام غير مفهوم ..لقد ذكرته بأيام الصبا وان لا احد الآن حوله فالصحب ما عاد موجودا والاخوة بات كل واحد منهم مشغول عنه في لقمة العيش المريره ..وما عاد ذاك الطفل المدلل لابويه
لقد كان حساساً جداً بل متطرف جداً في احساسهِ ..أحرقها ومزقها كلها ولم يبقي إلا من الطفولة .....بقايا صور