احتضار

استغربت عندما دخلت زقاقنا و رأيت أهل الدرب الذي نسكن فيه متجمهرين أمام وداخل منزل( بسام ) ذلك الرجل الغامض غريب الأطوار
شققت طريقي من شدة الفضول الذي انتابني الى داخل منزله وسط هذا الزحام من اهل الحي.
كان السيد( بسام) ممددا على الأرض وكنت أشعر به تماما وكأنني في داخله .
لقد بدأ يشعر بالقشعريرة تدب في جسده النحيل المنهك أدرك تماما أنها خلجات الروح وبداية احتضار ونهاية عمر قضاه وحيدا...
وبدأ شريط عمره يمر أمام عينيه بما فيه من أحزان وألم وحسرة تذكر كل شيئ تقريبا مر معه وسعى جاهدا أَن يتذكر لحظات السعاده التي مربها في حياته دون جدوى
وأدرك أنه كان وحيدا طوال عمره برغم معارفه الكثر ومكاتنه الإجتماعيه نعم لقد كان وحيدا..
كثر من أهل الحي الذين كانوا يقولون أنه متطرف في فكرهِ غريب الأطوار في تصرفاتهِ ...التي تصل الى حد وصفه بالجنون أحيانا.
ودائما كنت أراه يسير في الزقاق وأتمنى أن أكون مثله في غرابتهِ الملفته والمستهجنه من قبل الجميع وطريقة لبسهِ التي دائما كان فيها ما يميزها
لطالما وددت أن أسأله كيف يعيش وكيف يعشق ولماذا يتهمونه بالجنون
اعرف أنه قد كانت له مغامرات عاطفيه مع الكثيرات من النساء ولكن كان يلفت إنتباهي كثرة النساء في حياته وقصر مدة ارتباطه أو علاقته بهن وكأنه كان يبحث في كل واحده منهن على امرأة واحدة غير موجوده رسمها في مخيلته وشكلها كما يريد ..
إني أراه الان يجمع اطرافه الى جسده مثل طفل أراد أن ينام أو جنين تشكل في رحم أمه وحوله بعض أوراقه المبعثره هنا وهناك وبعض رسوماته التي رسمها على مر الايام والسنين تؤرخ ما مر به
والملفت للنظر ان هناك صوره لإحدى السيدات بجوارهِ وعليها كتابات لم أقدر أن أفسرها وكأنها كتبت بلغة غريبه لا أعرفها .استعرضها أمام عينيه ودقق النظر في غرفته التي قضى بها سنينا طوال من حياتهِ
لقد رحل وترك ورائه اثاره المثيرة للجدل والحيره من قبل الجميع
إلا أن هناك ابتسامة على وجهه من نوع غريب عندما اقفل عينيه
وفارق الحياة لا أعرف سرها هل تراه كان راض عن حياته ؟
ام هل كان سعيدا لانه فارق الدنيا بما مر عليه بها؟
أم ان صورة تلك المرأة التي كانت بقربه هي سبب ابتسامته هذه ؟
لقد رحل وترك كثيرا من الأسئلة خلفه الكثير الكثير من الأسئلة في داخلي أنا .....
لكل منا طباعه الخاصه وطقوسه الجنونيه فهل ترانا نرحل وحيدين كما رحل برغم من الأحبةِ حولنا....
لقد رحل.......بسام الى غير رجعه رحل مجنون زقاقنا....

ميسون شهبا كتب:

ربما رحل سعيداً لأنه عاش حياة كان مقتنع بها ولم يفرضها عليه أحد0000

ولآن السعادة لحظاتها قليلة لهذا ادركها وبغير قدرته على التمسك بها أكثر000

الآخ ثائر000

أسلوب مشوق وصور رائعة اتحفتنا بها000

مشكور جداً وجميل ماعبرت عنه000

[b]

ZORBA كتب:

ثائر كرباج كتب:

وأدرك أنه كان وحيدا طوال عمره برغم معارفه الكثر ومكاتنه الإجتماعيه نعم لقد كان وحيدا..

لقد رحل.......بسام الى غير رجعه رحل مجنون زقاقنا....

كثير من الناس هم مجانين في أزقتنا ..كثير نراهم اجتماعيين من الخارج ..والوحشة القاتلة نصيبهم من الداخل ...بسام لروحه سلام ...ثائر لقلمك التحية والاحترام...

الغالي زوربا
ما اسعدني ان ارك تضع بصمتك هنا
وانما كما تفضلت هناك من هم مجانين كثر وهناك من نتهمهم بالجنون عندما لا توافق افعالهم وتصرفاتهم حياتنا و عاداتنا
انا ارى في بسام هنا شخص قضى عمره يبحث عن شيء هو لم يعرفه ربما
بحث كل عمره عن ذاته
ولم يجدها
لك مني كل الود والتحيه على مرورك الغالي
[center]

ESSAM MAHMOUD كتب:

لقد اشتممت رائحة قلم زوربا في هذه القصة ولو لم يعقب عليها زوربا لحسبتها قصته

فهي تحمل نفس الصور التعبيرية التي تعودت أن أقرأها في أسلوب زوربا القصصي الممتع

أسلوب شيق وجميل وتسلسل انسيابي رائع

بانتظار قصص أخرى

تحية طيبة لك ولقلمك المبدع

طبيبنا الغالي والله اثلجت الصدر بما كتبت
وكم هي سعادتي كبيره بان الفت انتباه اشخاص مثلكم وفي سويتكم
لك مني كل الود سيدي[center]