15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

من طرف ناجي فرحات الخميس ديسمبر 09, 2010 9:02 pm

يقرع الجرس معلنا الاستراحة، يتوافد المدرسون إلى غرفتهم المخصصة للاستراحة، على زاوية الطاولة الكبيرة كان الآذن يملأ كؤوس الشاي ..يدخل المدرسون واحدا تلو الآخر، يتناول كل واحد منهم كأسه ويذهب إلى كرسيه الذي اعتاد الجلوس عليه.

يطلب مجموعة من المدرسين والمدرسات ، من مدرس اللغة العربية أن يلقي عليهم قصيدة للشاعر محمود درويش ..يتردد المدرس في تلبية طلبهم ثم بعد الإلحاح الذي كان يحب أن يسمعه منهم، يبدأ المدرس بالإلقاء تلبية لرغبتهم:

أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب …

¨ يدخل احد المدرسين وهو رجل في الخمسينات من العمر ، رغم محاولاته الكثيرة في أن يبدو وسيما وأنيقا إلا انه له ذوق سيء في اختيار الثياب والألوان، ولأنه في العادة غير واثق من نفسه تراه يلقي الحديث رشا، إلا عندما يتحدث عن النساء فتصبح لصوته نبرة أكثر لينا ويتمهل وهو يتحدث، يقاطع مدرس اللغة العربية الذي يلقي القصيدة دون استئذان متحدثا عن النساء وعن زوجته التي لا ترفض له طلبا، ومع كل هذا يحلف بأغلظ الأيمان إلا أن يتزوج ثانية عليها…ليس لأنها سيئة معاذ الله.. ولكن لأنه مازال شابا ويستطيع أن يفتح بيتا ثانيا ويكون أسرة ثانية، ثم لماذا يلام والشرع قد سمح له بأربعة إن كان مقتدرا، وهو والحمد لله كما يقول حالته ممتازة ماليا وفنيا..

يجلس على إحدى الكراسي الفارغة ، يشير المدرسون إلى زميلهم بالمتابعة .. يتابع إلقاء قصيدته:

سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.

¨ تدخل مدرسة حاملة في يدها ورقة ودون أن تدري بما يجري تنطلق في القراءة : تعلن إدارة المدرسة عن القيام برحلة للطلاب إلى لبنان الشقيق .. رسم الاشتراك فقط 2500 ل.س.

ينظر الجميع إليها نظرة ازدراء، لا تعيرهم بالا تأخذ كأسا من الشاي وتمضي إلى كرسيها.

يتابع مدرس اللغة العربية إلقاء القصيدة :

وفي شهر آذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بناتٍ.
سقطن على باب مدرسةٍ ابتدائية.
للطباشير فوق الأصابع لونُ العصافيرِ.
في شهر آذار قالت لنا الأرض أسرارها.

¨ يتداخل صوت مدرسة الرسم بصوت مدرس اللغة العربية، تجعل صوتها يعلو قليلا لتسمع الجميع شكواها ومعاناتها اليومية في الوصول إلى المدرسة صباحا، حيث يتوجب عليها الركوب بباصين والمشي مسافة لابأس بها للوصول في الوقت المحدد، ثم تتحدث عن آلام العنق والعمود الفقري التي تعاني منها وتحسس عينيها من غبار الطباشير و و و و.

يتابع مدرس اللغة العربية إلقاء ما تبقى من قصيدة درويش ويبدو الحنق ظاهرا على وجهه:

أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي
أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح
أُسمّي الحصى أجنحة
أسمّي العصافير لوزاً وتين
وأستلّ من تينة الصدر غصناً
وأقذفهُ كالحجرْ
وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.

¨ تدخل مدرسة أخرى تتمايل وتتلفت حولها مختالة بالطقم الذي ترتديه، ” تصوروا ثمن هذا الطقم كلفني راتبي كله!!!!” … ” وإن يكن أنه جميل ويستحق ما دفع من أجله”!!

يحاول مدرس اللغة العربية متابعة إلقاء قصيدته، إلا أن الجرس يقرع من جديد معلنا بداية الفترة الجديدة من الدروس … يتململ المدرسون والمدرسات في كراسيهم .. يدخل الموجه ليحثهم على الذهاب إلى صفوفهم، يقومون بتثاقل، بعضهم يتثاءب، وآخر يلعن المهنة ويدعو الله الخلاص بخير، وآخر ينظر بتعجب.!!

يدخل الآذن بعد أن تفرغ الغرفة من المدرسين يلم كؤوس الشاي الفارغة … ينظر إلى الكراسي التي حضرت معركة قبل قليل، ويضحك هازاً رأسه …..

من طرف **ميسون شهبا** الخميس ديسمبر 09, 2010 10:45 pm

أجل سيدي هذه حقيقة مايحصل في غرف المدرسين واستراحة المدرسة000

واحد طالع وأخر خارج وكل يغني على ليلاه من غير أحترام للآخر وماهو محور الحديث000

مشكور سيدي لما أتحفتنا به000

من طرف ناجي فرحات السبت ديسمبر 11, 2010 4:22 am

العزيزة ميسون:
شكرا لمرورك الكريم
لك كل الود

من طرف **ESSAM MAHMOUD** السبت ديسمبر 11, 2010 5:22 am

إنها أقصوصة قصيرة رائعة أعتبرها كنوع من الأدب الملتزم

وكلما كانت تحاكي الواقع المنقول بأمانة كلما كانت أسهل هضما ً واستساغة للقاريء

وهكذا فعلت َ اخي الكريم لقد أدخلتني إلى تلك القاعة التي تم بها هذا الحوار دون أن أدري

حتى انني خرجت مع المدرسين للعودة إلى الصفوف ولكنني لم أجد غرفة ً لي

أجدت أخي ناجي

لك المودة والإحترام

من طرف **نزار شجاع** السبت ديسمبر 11, 2010 1:58 pm

أخ ناجي أن الوضع بالف خير أن مازال هناك مدرسين يتحدثون عن محمود درويش
لأنوا كل حديثنا في غرفة المدرسين عن (( أنو الحكومة بدها تدعم المازوت أم لا ))
مع تحيات الفرصة بعشر دقائق
................................
أستاذ عصام مبروك الصورة الجديدة يلي بتفرح القلب

...نعم هذه ازدواجيتنا سيدي الكريم..!!

فلا عجب أننا نعيش في عصر زيت الكاز..

حيث سقطت كل القيم و ديست بأحذية من أرخص الجلود..

و ما تبقى من دم..لا يكفي لستر الوجوه لحظة عري..!!!

أعجبتني جدا طريقة سرد الحكاية..فأنا كنت هناك و رأيت كل شيء.

من طرف ناجي فرحات الأحد ديسمبر 12, 2010 5:43 am

الاستاذ نزار شجاع:
شكرا لمرورك الكريم
ننتظر المازوت هذه السنة

من طرف ناجي فرحات الأحد ديسمبر 12, 2010 5:45 am

الاستاذ عماد ابو لطيف:
شكرا لمتابعتك
اسمك ذكرني بالجامعة في الثمانينات في جامعة دمشق
كيف حالك يا رفيق الحقبة الدراسية
لك كل الود

بالحقيقة اخي الكريم أخذتنا ليس فقط الى غرفة المدرسين وأحاديثهم المتضاربة بل

الى كل الجلسات الاجتماعية المتضاربة ألافكار حيث كل يغني على ليلاه ولايراعي الافكار الاخرى

شكرأً لك لآنك حملتنا الى هذا الجو الذي لانتوقعه افضل من هذا

تحياتي لك مع كل الحب

من طرف A.rahman الأحد ديسمبر 12, 2010 10:44 pm

أشكرك أستاذ ناجي على هذا البث المباشر من غرفة الإستراحة

هي تلك الإستراحة !!!

هل هي حقا ً استراحة المحارب ؟؟؟؟

وكما قال الدكتور ESSAM MAHMOUD لقد أدخلتني إلى تلك القاعة التي تم بها هذا الحوار دون أن أدري

تحياتي

15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين

رد: 15 دقيقة في غرفة استراحة المدرسين