أُسطورة الخَلق
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أُسطورة الخَلق
أُسطورة الخَلق
الثلاثاء 9 حزيران (يونيو) 2009 ،
بقلم خلدون النبواني
إذا كانت مهمّة الآلهة سهلة وغير عسيرة في خلق السماوات والأرض وما عليها في أيامٍ معدودات، فإنها لم تسترح بعدها مباشرةً حين قرّرت أن تخلق الأُنثى إذ اكتشفتْ عندها أنّ المهمّة تتعقّد وتصبح أكثر تحدّياً لعظمة الخَلق والخالق، فهي بعد أن فرغتْ من عملية إبداع الأرض وتكوين السماوات وتفنّنتْ في صناعة الجسد الذكريّ، فإنها وجدتْ نفسها حائرةً، متردّدةً، عصبيةً، مرتعشة اليدين وفاقدةً الثقة بنفسها عندما قرّرتْ متحديةً ذاتها أن تُبدعَ الأنوثة. لذا قرَّرت الآلهة عندها أن تعقد اجتماعاً طارئاً على مستوى السماء خلُصتْ فيه إلى ضرورة إنقاذ العالَم من رتابته الذكورية بأن تخلق شيئاً يتجاوز القدرة الإلهية، مَعلَماً فنياً يخترق الزمان والمكان يشير إلى عظمة الخالق في خلقه، شيئاً ستُطلق عليه فيما بعد اسم: الأُنثى.
كانتْ تظن في البداية أنّ العملية رغم تعقيدها ودقتها لن تحتاج إلا إلى بضعة أيام لا تتجاوز الأيام الستة التي خلقتْ بها سماواتها وأرضها، ولكنها ما أن شرعتْ بالعمل حتى وجدتْ أنها قد تورَّطتْ في عمليةٍ طويلة تحتاج من الجهد والتركيز والإبداع أكثر من كلّ ما كانتْ قد صنعته من قبل. فكرتْ الآلهةُ طويلاً أيّاما، سنواتٍ، عصورًا: ما هي المادة اللازمة لخلق شيء أكثر من الرجل وأجمل من الملائكة وأطول من الصبر و أشذى من الياسمين وأكثر هشاشة من جناح فراشة وأقوى صلابة من الفولاذ؟؟؟
كانت المهمّة عسيرة وشاقّة، والتحدّي مثيرا وشيّقا. قرّرتْ بعد أن أجهدها التأمّل أن تأخذ من الأرض خصبها ومن الشمس وهجها، ومن الزمان أزله، ومن البحر صفاءه، ومن السماء تعاليها، ومن السنديان صلابته، ومن الزيتون عراقته، ومن الحبّ سرّه ومن ياسمين دمشق شذاه، ومن الفراق لوعته، ومن الشِّعر كذبه الصادق، ومن الحقيقة وهمها.
بعد أن جمعتْ كلّ ذلك كانتْ راضيةً عن مادّة الخلق الأولى. ثم جدلتْ الانتظار فكان شَّعر الأُنثى الطويل، وصهرت اللهفة والغواية فكانت عيناها. وضعتْ في كلّ عين مجرّة شمسية كاملة بنجومها وشموسها وأقمارها، وثبَّتتْ ثقباً أسود في منتصف كلّ عين، له قدرة على الجذب أكثر بكثير ممّا لثقوب الكون السوداء الأُخرى. استعارتْ من أنوف الإغريق حدّتها ودقّة نحتها ومن أنوف الفراعنة أنَفَتَهَا لتصنع أنف التحفة. أمّا الفم الأنثويُّ فقد حيّرها كثيراً، وكلما خطرت لها فكرة كانتْ تراها غير كافية. وبعد استنفار قواها قرَّرتْ أن تخلط معاً الينسون والنعناع والعنبر والبهارات الآسيوية والكثير الكثير من الفلفل. لهذا فقد أرسلتْ وفداً إلهياً اشترى من سوق البزورية في دمشق مجموعة كبيرة من التوابل والمسك والعطور والرند والأراك. وضعتْ خلطتها السحرية في جرنٍ إلهيٍ كبير وطحنتها معاً ثم جمعتْ الخليط ونثرته فكانت الشفتان.
لم تجد الآلهة في كلٍّ ما كانتْ قد خلقته قبلاً ما يُساعدها على صناعة النهدين، فقد كانت الصورة أكبر من الواقع والماهية أكثر من الوجود، لذا جازفتْ بأن أوجدتْ عندها الكبرياء والتمرَّد والعصيان، وأعادتْ تكوير الكون بعد أن كان مستوياً، ثمّ حنتِ الزمكان وصقلتِ القباب ووضعتِ القمّة في أسفل الهاوية. لم تكن الأرض حينها تعرف البراكين والجبال، ولكنّها ما أن رأت صدر الأُنثى حتى شعرت بالغيرة فهاجتْ وماجت وأرعدت وأبرقت فواستها الآلهة بأن فجّرتْ فيها البراكين وألقتْ فيها الرواسي.
في السنة المليون بعد الخلق، كانتِ الآلهة قد وصلتْ إلى أحرج المراحل وأكثرها حاجةً إلى التركيز والدقة والتخيُّل: هناك حيث تتقاطع الخطوط المتوازية وتدفن الكنوز المرصودة. فما كان منها إلا أن أخفتِ الوجود في العدم، واللذة في الألم، والحياة في الموت، والحضور في الغياب، والقوّة في الضعف، والضوء في الظُلمة، والصعود في الانحدار، والشتاء في قيظ الصيف. بعد أن جمعتْ كلَّ هذا أخفتْ سرّها خلف بوّابات الجحيم السبع ورمتِ المفاتيح في متاهة سراديب الموت.
بعد أن فرغتِ الآلهة من كلّ هذا كانتْ مُتعبةً وقلقةً بقدر ما كانت مزهوّةً ومعجبةً بما أبدعته. لقد أدركت حينها أنها استطاعت أخيراً أن تُقدِّم آية خلقها وإبداعها الذي راحت ترقبه من علٍ وابتسامة الفخر والحسد لا تُفارق شفتيها.
لا أستطيع أن لا أنقل كتابة بمثل هذه الروعة
مع أطيب الأمنيات
الثلاثاء 9 حزيران (يونيو) 2009 ،
بقلم خلدون النبواني
إذا كانت مهمّة الآلهة سهلة وغير عسيرة في خلق السماوات والأرض وما عليها في أيامٍ معدودات، فإنها لم تسترح بعدها مباشرةً حين قرّرت أن تخلق الأُنثى إذ اكتشفتْ عندها أنّ المهمّة تتعقّد وتصبح أكثر تحدّياً لعظمة الخَلق والخالق، فهي بعد أن فرغتْ من عملية إبداع الأرض وتكوين السماوات وتفنّنتْ في صناعة الجسد الذكريّ، فإنها وجدتْ نفسها حائرةً، متردّدةً، عصبيةً، مرتعشة اليدين وفاقدةً الثقة بنفسها عندما قرّرتْ متحديةً ذاتها أن تُبدعَ الأنوثة. لذا قرَّرت الآلهة عندها أن تعقد اجتماعاً طارئاً على مستوى السماء خلُصتْ فيه إلى ضرورة إنقاذ العالَم من رتابته الذكورية بأن تخلق شيئاً يتجاوز القدرة الإلهية، مَعلَماً فنياً يخترق الزمان والمكان يشير إلى عظمة الخالق في خلقه، شيئاً ستُطلق عليه فيما بعد اسم: الأُنثى.
كانتْ تظن في البداية أنّ العملية رغم تعقيدها ودقتها لن تحتاج إلا إلى بضعة أيام لا تتجاوز الأيام الستة التي خلقتْ بها سماواتها وأرضها، ولكنها ما أن شرعتْ بالعمل حتى وجدتْ أنها قد تورَّطتْ في عمليةٍ طويلة تحتاج من الجهد والتركيز والإبداع أكثر من كلّ ما كانتْ قد صنعته من قبل. فكرتْ الآلهةُ طويلاً أيّاما، سنواتٍ، عصورًا: ما هي المادة اللازمة لخلق شيء أكثر من الرجل وأجمل من الملائكة وأطول من الصبر و أشذى من الياسمين وأكثر هشاشة من جناح فراشة وأقوى صلابة من الفولاذ؟؟؟
كانت المهمّة عسيرة وشاقّة، والتحدّي مثيرا وشيّقا. قرّرتْ بعد أن أجهدها التأمّل أن تأخذ من الأرض خصبها ومن الشمس وهجها، ومن الزمان أزله، ومن البحر صفاءه، ومن السماء تعاليها، ومن السنديان صلابته، ومن الزيتون عراقته، ومن الحبّ سرّه ومن ياسمين دمشق شذاه، ومن الفراق لوعته، ومن الشِّعر كذبه الصادق، ومن الحقيقة وهمها.
بعد أن جمعتْ كلّ ذلك كانتْ راضيةً عن مادّة الخلق الأولى. ثم جدلتْ الانتظار فكان شَّعر الأُنثى الطويل، وصهرت اللهفة والغواية فكانت عيناها. وضعتْ في كلّ عين مجرّة شمسية كاملة بنجومها وشموسها وأقمارها، وثبَّتتْ ثقباً أسود في منتصف كلّ عين، له قدرة على الجذب أكثر بكثير ممّا لثقوب الكون السوداء الأُخرى. استعارتْ من أنوف الإغريق حدّتها ودقّة نحتها ومن أنوف الفراعنة أنَفَتَهَا لتصنع أنف التحفة. أمّا الفم الأنثويُّ فقد حيّرها كثيراً، وكلما خطرت لها فكرة كانتْ تراها غير كافية. وبعد استنفار قواها قرَّرتْ أن تخلط معاً الينسون والنعناع والعنبر والبهارات الآسيوية والكثير الكثير من الفلفل. لهذا فقد أرسلتْ وفداً إلهياً اشترى من سوق البزورية في دمشق مجموعة كبيرة من التوابل والمسك والعطور والرند والأراك. وضعتْ خلطتها السحرية في جرنٍ إلهيٍ كبير وطحنتها معاً ثم جمعتْ الخليط ونثرته فكانت الشفتان.
لم تجد الآلهة في كلٍّ ما كانتْ قد خلقته قبلاً ما يُساعدها على صناعة النهدين، فقد كانت الصورة أكبر من الواقع والماهية أكثر من الوجود، لذا جازفتْ بأن أوجدتْ عندها الكبرياء والتمرَّد والعصيان، وأعادتْ تكوير الكون بعد أن كان مستوياً، ثمّ حنتِ الزمكان وصقلتِ القباب ووضعتِ القمّة في أسفل الهاوية. لم تكن الأرض حينها تعرف البراكين والجبال، ولكنّها ما أن رأت صدر الأُنثى حتى شعرت بالغيرة فهاجتْ وماجت وأرعدت وأبرقت فواستها الآلهة بأن فجّرتْ فيها البراكين وألقتْ فيها الرواسي.
في السنة المليون بعد الخلق، كانتِ الآلهة قد وصلتْ إلى أحرج المراحل وأكثرها حاجةً إلى التركيز والدقة والتخيُّل: هناك حيث تتقاطع الخطوط المتوازية وتدفن الكنوز المرصودة. فما كان منها إلا أن أخفتِ الوجود في العدم، واللذة في الألم، والحياة في الموت، والحضور في الغياب، والقوّة في الضعف، والضوء في الظُلمة، والصعود في الانحدار، والشتاء في قيظ الصيف. بعد أن جمعتْ كلَّ هذا أخفتْ سرّها خلف بوّابات الجحيم السبع ورمتِ المفاتيح في متاهة سراديب الموت.
بعد أن فرغتِ الآلهة من كلّ هذا كانتْ مُتعبةً وقلقةً بقدر ما كانت مزهوّةً ومعجبةً بما أبدعته. لقد أدركت حينها أنها استطاعت أخيراً أن تُقدِّم آية خلقها وإبداعها الذي راحت ترقبه من علٍ وابتسامة الفخر والحسد لا تُفارق شفتيها.
لا أستطيع أن لا أنقل كتابة بمثل هذه الروعة
مع أطيب الأمنيات
د: طارق نايف الحجار- حكيم المنتدى
- عدد المساهمات : 511
تاريخ التسجيل : 08/05/2009
رد: أُسطورة الخَلق
دكتور طارق من الصعب ان نقرأ ولا نبدي الإعجاب الشديد
بم تأتينا به................متألق كعادتك...
دمت بخير
بم تأتينا به................متألق كعادتك...
دمت بخير
رد: أُسطورة الخَلق
كانت المهمّة عسيرة وشاقّة، والتحدّي مثيرا وشيّقا. قرّرتْ بعد أن أجهدها التأمّل أن تأخذ من الأرض خصبها ومن الشمس وهجها، ومن الزمان أزله، ومن البحر صفاءه، ومن السماء تعاليها، ومن السنديان صلابته، ومن الزيتون عراقته، ومن الحبّ سرّه ومن ياسمين دمشق شذاه، ومن الفراق لوعته، ومن الشِّعر كذبه الصادق، ومن الحقيقة وهمها.
بعد أن جمعتْ كلّ ذلك كانتْ راضيةً عن مادّة الخلق الأولى. ثم جدلتْ الانتظار فكان شَّعر الأُنثى الطويل، وصهرت اللهفة والغواية فكانت عيناها. وضعتْ في كلّ عين مجرّة شمسية كاملة بنجومها وشموسها وأقمارها، وثبَّتتْ ثقباً أسود في منتصف كلّ عين، له قدرة على الجذب أكثر بكثير ممّا لثقوب الكون السوداء الأُخرى. استعارتْ من أنوف الإغريق حدّتها ودقّة نحتها ومن أنوف الفراعنة أنَفَتَهَا لتصنع أنف التحفة. أمّا الفم الأنثويُّ فقد حيّرها كثيراً، وكلما خطرت لها فكرة كانتْ تراها غير كافية. وبعد استنفار قواها قرَّرتْ أن تخلط معاً الينسون والنعناع والعنبر والبهارات الآسيوية والكثير الكثير من الفلفل. لهذا فقد أرسلتْ وفداً إلهياً اشترى من سوق البزورية في دمشق مجموعة كبيرة من التوابل والمسك والعطور والرند والأراك. وضعتْ خلطتها السحرية في جرنٍ إلهيٍ كبير وطحنتها معاً ثم جمعتْ الخليط ونثرته فكانت الشفتان.
رغم أنها اسطورة رائعة تعلمنا أنه ابداع الهي كان خلق المرأة وقد وضع بها اجمل ما منح الله للحياة
ولكن انا شخصياً لا اعتقد بأي اسطورة من اساطير الخلق هذه الا ان حواء خلقت بننفس اللحظة مع ادم حينما الله شطر
أدم الانسان الى قسمين..... ذكر وانثى.. ومنحهما نفس المواصفات ولكن بكميات مختلفه
حيث ترك كل منهما متمم للاخر بهذه الحياة وتركهما يبحثان عن بعض ليعودا
من جديد للالتحام بعد أن يتعلما درس الحياة
تحياتي لك اخي طارق واشكرك لكل جميل تتحفنا به
بعد أن جمعتْ كلّ ذلك كانتْ راضيةً عن مادّة الخلق الأولى. ثم جدلتْ الانتظار فكان شَّعر الأُنثى الطويل، وصهرت اللهفة والغواية فكانت عيناها. وضعتْ في كلّ عين مجرّة شمسية كاملة بنجومها وشموسها وأقمارها، وثبَّتتْ ثقباً أسود في منتصف كلّ عين، له قدرة على الجذب أكثر بكثير ممّا لثقوب الكون السوداء الأُخرى. استعارتْ من أنوف الإغريق حدّتها ودقّة نحتها ومن أنوف الفراعنة أنَفَتَهَا لتصنع أنف التحفة. أمّا الفم الأنثويُّ فقد حيّرها كثيراً، وكلما خطرت لها فكرة كانتْ تراها غير كافية. وبعد استنفار قواها قرَّرتْ أن تخلط معاً الينسون والنعناع والعنبر والبهارات الآسيوية والكثير الكثير من الفلفل. لهذا فقد أرسلتْ وفداً إلهياً اشترى من سوق البزورية في دمشق مجموعة كبيرة من التوابل والمسك والعطور والرند والأراك. وضعتْ خلطتها السحرية في جرنٍ إلهيٍ كبير وطحنتها معاً ثم جمعتْ الخليط ونثرته فكانت الشفتان.
رغم أنها اسطورة رائعة تعلمنا أنه ابداع الهي كان خلق المرأة وقد وضع بها اجمل ما منح الله للحياة
ولكن انا شخصياً لا اعتقد بأي اسطورة من اساطير الخلق هذه الا ان حواء خلقت بننفس اللحظة مع ادم حينما الله شطر
أدم الانسان الى قسمين..... ذكر وانثى.. ومنحهما نفس المواصفات ولكن بكميات مختلفه
حيث ترك كل منهما متمم للاخر بهذه الحياة وتركهما يبحثان عن بعض ليعودا
من جديد للالتحام بعد أن يتعلما درس الحياة
تحياتي لك اخي طارق واشكرك لكل جميل تتحفنا به
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى