هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهجره الى الله سلمان الفارسي(ج2)

اذهب الى الأسفل

الهجره الى الله سلمان الفارسي(ج2) Empty الهجره الى الله سلمان الفارسي(ج2)

مُساهمة من طرف ???? الجمعة أكتوبر 09, 2009 11:23 am


الهجرة إلى الله:
كان إسمه روزبة وسماه رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان، وكان اسم أبيه خشفوذان وكان هذا الأخير من جهاقين فارس ـ وقيل من أساورتها ـ له إمرة على بعض الفلاحين من أبناء أصفهان وكان واسع الحال يملك بعض المزارع شأن غيره من الطبقة الوسطى في المجتمع الفارسي آنذاك وكانت لولده سلمان مكانة خاصة في نفسه جعلته يستأثر بالنصيب الأكبر من إهتماماته، فهو لا يكلفه بأي عمل شاق شأنه في ذلك بقية المترفين في معاملة أبنائهم.
وفي ذات اليوم كان خشوذان مشغولاً ببناءٍ في داره فطلب من والده أن يذهب الى مزرعةٍ له ليشرف على سير عمل الفلاحين فيها عن كثب وطلب منه أن لا يتأخر في العودة إليه، قائلاً له: «ولا تحتبس، فتشغلني عن كل ضيعةٍ بهمي بك ...».
يقول سلمان: «فخرجت لذلك، فمررت بكنيسة النصارى وهم يصلون، فملت إليهم وأعجبني أمرهم، وقلت: والله هذا خير من ديننا، فأقمت عندهم حتى غابت الشمس، لا أنا أاتيت الضيعة، ولا رجعت إليه...!».
لوحة رائعة يرسمها لنا سلمان وهو يسود قصة إسلامه، حيث يجسد لنا فيها كيف كانت بداية هجرته نحو الإيمان ... الإيمان بالله وحده، بعزم وتصميم وإرادة قوية لا يقف دونها حاجز ولا تتحكم فيها عاطفة، وكيف إختار لنفسه موقفاً مميزاً جعله فيما بعد من جمله عظماء البشر الذين بهم التاريخ الإنساني صفحاته، فكان بذلك «سابق فارس»ورائدها وداعيها إلى الله.
لقد كانت نفسه التواقة إلى المعرفة تدفعه نحو تخطي الحواجز التي عاش بين قضبانها في ظل أب جمد عقله على طقوس المجوسية دون أن تحرك آيات المبدع سبحانه في نفسه أي تحولٍ نحو الأفضل.
أراد سلمان تخطي تلك الحواجز لكي يرى الحقائق الكامنه ورائها، وكان له ما أراد، فهل هو يعثر على دين خير من دينه حيث ساقته قدماه ـ عن قصد أو غير قصد ـ إلى الكنيسة، فرأى فيها اناساً يصلون، وربما يرتلون فصلاً من الإنجيل بصوت وخيم يأخذ بمجامع القلوب فيه رجع وصدىً لترانيم الراهب الحزين الذي يبكي المسيح! ولا بد أن فقرات من الإنجيل شدته ـ في تلك اللحظات الغامرة ـ إلى الاستغراق والتأمل في عالم اللاهوت ضمن أجواء هي مزيج من الحزن، والفرح، والسأم، واللذة طافت به وراء الغيب، ثم انتهت لتوقظ في نفسه مكامن الألم الطويل الذي عاناه في ظل أبيه.
دارت في رأس سلمان زوبعة من التفكير .. انها فرصة قبضتها له يد الغيب، وما عليه الآن إلا أن يختار. نعم؛ لقد أعجبه هذا الدين، ولكن؛ هل ينتهي به المطاف إلى هنا فتكون هذه فتكون هذه الكنيسة فيم المحطة الأولى والأخيرة في حياته؟ ومن يدري، فلعل يد التشويه قد امتدت إليها أو إلى ذلك الكتاب الذي يتلى فيها فأخر جتهما عن مسارهما الصحيح، وعندها فما الفائدة إذن؟ أيترك دين أبائه وأجداده ليعتنق ديناً ربما كان مثله يف المحتوى أو أميز منه بقليل؟ لم يطل تردده في الأمر، وحانت منه التفاتة ذكية تنم عن عمق روحي وأصالة في التفكير حيث بدا له ان يسأله عن تواجد أصل هذا الدين، وبذلك يحفظ خطوط الرجعة على نفسه، فاندفع يسأل من حوله من النصارى قائلاً لهم: «وأين أصل هدا الدين ...؟».
قالوا: بالشام
أما خشفوذان فقد طال عليه غياب ولده حتى صار نهباً للقلق عليه مما حدا به أن يرسل جماعةً في طلبه، وبيمنا هو يتلدد يف داره مفكراً حائراً في أمره وإذا بسلمان عائد بعد الغروب بقليل، عاد إلى بيته ليجد أباه بتلك الحالة، وهنا بادره أبوه بنبرةٍ فيها شيء من الغضب، قائلاً له:
ولم يجد سلمان سبيلاً لكتمان ما رأى وسمع، فالتفت إلى أبيه قائلاً:
«قد مررت بقوم يصلون في كنيسة فأعجبني ما رأيت من أمرهم، وعلمت أن دينهم خير من ديننا...»
قال هذا بكل جراءةٍ وثقة، غير ان خشفوذان لم يصدق ما سمعه، وخالطته حيرة ودهشة، لكنه تمالك أعصابه وخاطب ولده باسلوب عاطفي هادىء قائلاً له: «يا بني؛ دينك ودين آبائك خير من دينهم.» طمعاً فيه بأن يرجع عن ذلك.
لكن سلمان بادره بكل إصرار قائلاً: «كلا، والله..»
وحين لم يجد خشفوذان وسيلةً يف اقناع ولده عمد إلى استخدام القسوة لتأديبه، فوضع القيود في رجليه، وتركه في البيت وهين محبسين، فعل معه ذلك خوفاً من أن يهرب عنه، عقاباً له كي لا يعود لمثلها.
وظل سلمان رهين قيده وبيته مدةً من الزمن كادت الدنيا أن تسود في عينيه لولا حلم الشام الذي ظل يدغوغ فؤاده ويزرع في نفسه الأمل الأخضر الذي يبشره بأزوف الموعد وساعة الخلاص، فعمد إلى بعض من يثق بهم وأرسله إلى النصارى الذين تعرف إليهم في الكنيسة يعلمهم عن لسانه: بأنه قد أعجبه دينهم ويطلب منهم أن يعلموه بتحرك أول قافلةٍ نحو الشام حتى يكون فيها.
فأخبروه.
قال سلمان: «فألقيت الحديد من رجلي، وخرجت معهم.» وبدأت الرحلة الطويلة نحو الإيمان، والهجرة إلى الله.
بدأ سلمان هجرته هذه مصوباً كل تفكيره نحو الشام، ولكن ما أن استوى على راحلته حتى بدأت الشكوك تشاوره، واخذ القلق بسيطر عليه، فقد خاف أن ينكشف أمره لدى أبيه فيرسل في طلبه جماعة من علوج أصفهان يرجعونه إليه بالقوة فيعيده إلى محبسية، وربما لا يكتفي بذلك بل يقيم عليه الرقباء والعيون يحصون عليه أنفاسه وعندها سيخسر سلمان كل شيء، وسيكون الفشل نصيب أولى تجاربه في الحياة.
ظلت هذه الوساوس تساوره في بداية الرحلة، حتى إذا قطع شوطاً من الطريق أمن معه الطلب، هدأت نفسه وارتاح ضميره وعاد الفرح إلى قلبه، فمال بتفكيره ثانيةً نحو الشام، ولكن سرعان ما هومت فوق صدره سحابه من الحزن لفراق أبويه الكهلين الذين دأبا على اسعاده وحرصا على أن يبقى بحانبهما يؤنس وحشتهما كلما تقدمت بهما السن، لقد تركهما أسيرين اللهم والحزن عليه، وكاد الأسى أن يعصف بقلبه لولا أن تذكر عناد أبيه ووقوفه سداً يف طريق سعادته، فتابع سيره وصمم أن لا يلتفت.
أما خشفوذان وزوجه فقد باتا أياماً وليالي لا يغمض لهما جفن ولا ترقأ لهما دمعه لغياب سلمان المدلل ففراقه أقض مضجعهما، فهما لا يعلمان أين أمسى وأين أصبح، ولم يتركا استحفاء السؤال عنه في كل مكان، لقد انقطعت أخباره ... أين هو ياترى؟ وربما تناهى إلى سمع خشفوذان أن ابنه رحل إلى الشام فزاد ذلك في همه وحزنه، فأين الشام وأين فارس ومئات الأميال تفصل بينهما...
ويطرق الأب الحزين برأسه إلى الأرض ويستسلم مع زوجته للقدر، وربما توسلا إلى النار التي يقدسانها أن ترجع إليهما ولدهما الهارب، ولكن دون جدوي. وهكذا ظل يندب حظه التعس.
أما سلمان، فظل يتابع سيره حتى إذا بانت له مشارف الشام حرك لسانه بآيات الشكر الله سبحانه الذي أنقذه من النار وتفاهاتها وحماقات أهلها لينعم بين ظلال الرحمة في مهد الأنبياء وأرض الرسالات في الشام، التي هي «صفوة الله من بلاده وإليها يجتبي صفوته من عباده» على حد تعبير النبي صلى الله عليه وآله».
وبعد قليل من الزمن، حط الركب الفارسي رحاله ليستريح من وعثاء السفر المضني الطويل، ولينصرف بعد ذلك كل منهم إلى شؤونه، عدا سلمان الذي لمي يستقر به مكان بعد، فهو لم يصل إلى ما يريد! إنه يطلب العالم الذي يعطيه أصول النصرانية التي جاء بها عيسى عليه السلام عن الله سبحانه وتعالى، فاندفع يسأل هذه وذاك من أهل الشام عن رجل الدين الذي يولونه ثقتهم، ويأخذون عنه معالم دينهم، فأرشدوه إلى الأسقف فسألهم عن مكان إقامته.؟
قالوا: هو مقيم في صومعته على رأس جبل، ودلوه عليه.
كانت الصومعة في قمة جبل يشرف على الشام وقد استدارت حولها غاية من السنديان والصنوبر، ويخيل للناظر إليها من بعيد أنها جزيرة صغيرة وسط بحيرة خضراء.
قصد سلمان تلك الصومعه والفرح يغمر قلبه، فلما وصل إليها تكلم بكلمات تركت الأسقف ينفتل من عبادته لينظر من هو المتكلم وكان الأسقف شيخاً طاعناً في السن مربوع القامة، في ظهره جنأ كث اللحية أبيضها، ذو عينين غارقتين تهدل فوقهما حاجبان انعقفا حتى اتصلا بصدغية ترتسم على وجهه سيماء الصالحين ... تطلع سلمان إليه فأردك فيه ملامح من سيرة المسيح عليه السلام فانتابته حالة من الذهول أطرق معها إلى الأرض، إلا أن كلمات الأسقف هزته حيث اندفع نحوه متسائلاً من أنت؟ ماذا تريد؟
فرفع رأسه وقال: أن رجل من أهل جي جئت أطلب العمل وأتعلم العلم، فضمني إليك أخدمك وأصحبك، وتعلمني شيئاً مما علمك الله!؟
قال الأسقف: نعم، إصعد إلي.
صعد سلمان إليه ليبقى إلى جانبه يخدمه ويتعلم منه، وكان الغالب في مأكله: الخل والزيت، والحبوب، وجرايهً تجري له، يقول سلمان: «فأجرى علي مثل ما كان يجري عليه ...» وبدأ الأسقف يعلمه شريعة الله التي أنزلها على المسيح ويقرأ عليه صحائف من الإنجيل كان قد احتفظ بها، ويطلعه على بعض الأسرار الإلهية التي تناهت إليه من حواريي عيسى عليه السلام، وقد وجد في سلمان الرجل القوي الأمين الذين يمكن أن يدفع أمانته ووجد سلمان فيه الأب المشفق والعالم الروحاني الذي يوقفه على غامض العلم ويطلعه على شرائع الأنبياء.
ومرت الأيام تتوالى مسرعةً، وانطوت سنين عديدة كان الأسقف خلالها يتقدم نحو أرذل العمر، وفي ذات يوم اشتكى علةً في جسده سرعان ما ألزمته سريره، وأدرك سلمان أنها الشيخوخة التي لا ينفع معها دواء، فظل دائباً يف خدمته والعناية به ليله ونهاره، حتى إذا قوضت أيامه ودارت في صدره حشرجات الموت، علم سلمان أن صاحبه يحتضر، وأنه مفارق هذه الدنيا عن قريب فجلس عند رأسه يبكي.
وكان تعلق الأسقف به شديداً لما لمسه فيه من الخصال الحميدة النادرة، فكان يؤلمه أن يراه حزينا أو مفكراً في أمره يشغل باله، وحانت منه إلتفاتة خاطفة، فرأى سلمان يكفكف دموعه، وألمه ما رأى، فالتفت إليه قائلاً: «ما يبكيك يا ولدي...؟»
قال سلمان ـ وهو يردٌ غصّته ـ: «خرجت من بلادي أطلب الخير، فرزقني الله صحبتك فنزل بك الموت ولا أردي أين أذهب...؟».
وهنا أطرق الراوي إطرافةً طويلة وفكر في أن يقف عند هذا الحد ولا يكمل روايته، والسر في ذلك هو أن محدئيه كانوا كثراً وكلهم يروي عن سلمان سيرته كما جاءت على لسانه، ولكن ما يروونه فيه إختلاف كبير بالنسبة للشكل والصياغة، وإن كان متقارباً في أصل المضمون، فالروايات كلها متفقة على أن سلمان إنتقل م راهب إلى راهب ومن دير إلى دير، وجاب البلاد طويلاً وعرضاً في سبيل الوقوف على أصول الدين يمكن الركون إليه. ولكن يبقى العرض للكيفية التي تم بها ذلك مختلفاً غاية الإختلاف.
قال الراوي: وعلى هذا فلا يمكنني إختيار واحدة من تلك الروايات والإكتفاء بسردها لكم، لا حتياجها إلى ما في الروايات الأخرى وافتقار تلك الروايات لها مما يجعل بعضها يكمل بعضاً، فالأ فضل إذن أن تصاغ القصة من مجموع تلك الروايات ي حلةٍ جديدة لا ئقةٍ بسلمان، مكانته، تنسج خيوطها من سيرته ذاتها وليست بنشاز عنها، لأنها كلها بلسانه رضي الله عنه.
ثم استطرد في سرد الرواية قائلاً:
«فقال الأسقف وهو يعاني سكرات الموت: يابني؛ لقد ترك الناس الناس دينهم، ولا أعلم أحداً يقول بمقالتي إلا راهباً في إنطاكية، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح، وناولني لوحاً، ثم مات الأسقف، ولم يكشف لنا سلمان شيئاً عن سر ذلك اللوح، لكن من المعتقد أكه أثر كريم بقي من المسيح عليه السلام تركه للحواريين بتداولونه فيما بينهم ثم يسلمونه إلى ذوي الكفاءة من أوصيائهم.
يقول سلمان: فلما مات، غسلته وكفنته ودفنته، وأخذت اللوح وسرت به إلى انطاكية «وهي بلدة قريبة من حلب بعيدة عن الشام موصوفة بالحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء لها سور ضخم، وشكلها كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل، والسور يصعد مع الجبن الى قمته فتتم دائرة، وفي السور داخل الجبل قلعة في وسطها بيعة «القسيان» وهي هيكل طوله مائة خطوة، وعرضه ثمانون، وعليه كنيسة على آساطين، وحول الهيكل أروقه يجلس عليها القضاء والعلماء، وهناك من الكنائس ما لا يجد كلها معمولة بالذهب والفضة والزجاج الملون، والبلاط المجزع.
ومضى سلمان يغذ السير حتى وصل إليها، وكان قد عرف مواصفات الراهب واسمه، فلما وصل إلى الهيكل سأل عنه، فدلوه عليه، وكان في إحدى الكنائس، فلما وصل إليها تكلم بكلمات فأطل عليه الراهب يسأله من هو وماذا يريد؟
ونظر إليه سلمان، فرأى فيه سمات التقى والصلاح والزهادة في الدنيا والرغبة عنها إلى الآخرة، فارتاحت لذلك نفسه، وعلم أن صاحبه الراحل لم يفرط فيه، بل اوصى به إلى يدٍ امينة ... ورد سلمان على أسئلة الراهب، ثم أبلغه سلام الأسقف الراحل وسلمه الامانة.
أخذ الراهب اللوح من يد سلمان بلهفة وزاد في الترحيب به، وأنزله معه، وظل سلمان في خدمته مدةً طويلة ياخذ عنه معالم الدين، حتى إذا مرت سنين، مرض الراهب مرض الموت ولزم الفراش وسلمان إلى جانبه وأحس الراهب أنه مفارق هذه الدنيا، فالتفت إلى سلمان قائلاً:
« إني ميت!»
وصكت هذه الكلمة مسامع سلمان، وأخذت من نفسه مأخذاً حيث خاف الضياع من بعده، فقال له بنبرة فيها شيء من الحزن:
فعلى من تخلفني...؟
قال الراهب: لا أعرف أحداً على طريقتي إلا راهباً بالا سكندرية، فإذا أتيته فاقرأه عني السلام، ادفع إليه هذا اللوح.
وما لبث الراهب أن توفي، فقام سلمان بتجهيزه، فغسله، وكفنه، ودفنه، ثم أخذ اللوح معه وخرج قاصداً الإسكندرية.
وكانت الإسكندرية في ذلك الوقت هي أم الأساطير ـ كما يقال عنها ـ فكان الناس يتحدثون عنها وعن عجائبها فحيكت عن كيفية بنائها قصص كثيرة، منها: أن الذي بناها هو الاسكندر الأكبر فسميت باسمه، وقيل: أن الإسكندرية وأخوه الفرما قاما ببناء مدينتين في أرض مصر سميت باسمها، فلما فرغ الاسكندر من بناء مدينته قال قد بنيت مدينة إلى الله فقيرة وعن الناس غنية، وقال أخوه بعكسه، فبقيت مدينة الإسكندر، وتهدمت مدينة أخيه.
وأسطورة تقول: أن الذي بناها هو جبير المؤتفكي، وكان قد سخر فيها سبعين ألف بناء، وسبعين ألف مخندق، وسبعين ألف مقنطر، واستغرق بناؤها مائتا سنة، وكتب على العمودين الذين يقال لهما: المسلتين: أنا جبير المؤتفكي عمرت هذه المدينة في شدتى وقوتي حين لا شيبة ولا هرم أضناني، وكنرت أموالها في مراجل جنبيرية، وأطبقتها بطبق من نحاس وجعلتها داخل البحر.
واسطورة ثانية تقول: ان جبير المؤتفكي وجد بالقرب منها مغارةً على شاطىء البحر فيها تابوت من نحاس، ففتحة فوجد فيه تابوتاً من فضة، ففتحه فإذا فيه درج من حجر الماس، ففتحه فإذا فيه مكحلة من ياقوتهٍ حمراء مرودها عرق زبرجد أخضر، فدعا بعض غلمانه فكحل إحدى عينيه بشيء مما كان تلك المكحلة فعرف مواضع الكنوز، ونظر إلى معادن الذهب ومغاص الدرر، فاستعان بذلك على بناء الإسكندرية ..إلى غير ذلك من الأساطير التي ترسمها مخيلة القصاصين.
ولقد كان الركبان الذين يقصدون الإسكندرية يتحدثون بهذا وأمثاله، يسلون به أنفسهم سيما إذا كان سفرهم عن طريق البحر فإن ذلك يشغلهم عن تذكر البحر وأهواله ... ولكن ماذا يعني سلمان من ذلك كله فهو يسمع ما يروونه عن الإسكندرية لكنه لا يلتفت إلى مايقولون، ولا يعبأ بما يتحدثون، بل كل همه وتفكيره منصبان على كيفية اللقاء بالراهب الذي سيصل إليه، وكيف سيكون معه، وهل سيرته كسيرة صاحبيه.
وصل سلمان إلى الاسكندرية، وسأل عن الراهب الذي أخذ إسمه ومواصفاته من سلفه الراحل، واستدل على مكانه، فوصفوا له صومعةً كان يقطن فيها شأن غيره من الرهبان فلما وصل إليها وقف خارجها وتكلم بكلمات مالبث بعدها أن أطل الراهب عليه، ونظر سلمان إليه فوجد فيه مثل ما وجد في صاحبيه من الهدى والصلاح والزهد فاطمأن به المكان بعد أن رحب به الراهب اجمل ترحيب وأبلغه سلمان سلام سلفه الراحل وسلمه اللوح.
وبقي سلمان معه مدةً من الزمن، وكانت الأيام تمر سراعاً، والسنين تتوالى والبشارة تقترب.
ومرض الراهب مرض الموت، واستمر به المرض حتى إذا إحتضر إلتفت إلى سلمان قائلاً: «إني ميّت!» وكأنة ينظر منه سؤالاً ليجيبه عليه، وهنا بادره سلمان قائلاً له: «فعلى من تخلفني؟»
قال الراهب: لا أعرف أحداً على طريقتي، وما بقي أحد أعلمه على دين عيسى بن مريم في الأرض، وقد اظلك زمان نبي يبعث بأرض العرب، إن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته، فإذا بلغك أنه قد خرج، فانه النبي الذي بشر به عيسى صوات الله وسلامه عليهما، وآية * ذلك: أن بين كتفيه خاتم النبوة، وأنه ياكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فان أتيته فاقرأه السلام، وادفع إليه هذا اللوح.
ثم أغمض الراهب الصالح عينيه مسلماً الروح إلى بارئها فقام سلمان بتجهيزه ودفنه

------------------------------
بالعلم ترتقي الامم..وبالاخلاق تسود
Anonymous
????
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الهجره الى الله سلمان الفارسي(ج2) Empty رد: الهجره الى الله سلمان الفارسي(ج2)

مُساهمة من طرف مأمون فراشي الإثنين أكتوبر 12, 2009 3:42 am

شكرا لك ايها الحكيم

معلومات غنيه جدا

جزاك الله الف خير

تحياتي لك
مأمون فراشي
مأمون فراشي
عضو مجلس ادارة
عضو مجلس ادارة

عدد المساهمات : 421
تاريخ التسجيل : 21/05/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى